عراقية جريحة الاشراف العام
البلد : العمر : 32 عدد المساهمات : 340 نقاط : 954 السٌّمعَة : 0
| موضوع: طوب أبو خزامة الثلاثاء أبريل 03, 2012 6:49 pm | |
|
طوب أبو خزامة
أمام المبنى القديم لوزارة الدفاع مقابل ساحة الباب المعظم وسط العاصمة بغداد ينتصب مدفع نحاسي أصبح فيما بعد جزءا من التراث الشعبي البغدادي وشارعه العتيد شارع الرشيد. وارتبط مدفع (أبو خزامة) بالكثير من العادات والمعتقدات الشعبية وكانت محلات بغداد القديمة إبان الاحتلال العثماني وقبل افتتاح الجادة العمومية وما بعدها قسمين قسم يسكنه رجال الدولة العثمانية من عسكريين ومدنيين وقسم يسكنه عامة الناس وتعتبر المحلات من الحيدر خانه حتى محلة الطوب باتجاه باب المعظم هي المحلات الخاصة بموظفي الدولة لقربها من القلعة ومن قشلة السراي ومن مقر الوالي والدوائر الحكومية الأخرى الواقعة بين نهر دجلة والجادة العمومية وأهمها (الطوب) قمر الدين جديد حسن باشا والحيدر خانه.
وكان العامة يطلقون على هذه المحلات أسم (محلات العصملي) أي محلات العثمانيين وسميت محلة الطوب نسبة إلى المدافع التي كان الجنود يضعونها على أعلى سور القلعة.
ولما هدم السور أيام الوالي مدحت باشا راح الناس يبنون دوراً لهم في الموقع الخالي بين بقايا السور وبستان يمتد جنوباً.
ويعد (طوب أبو خزامة) الذي ظل جاثماً أمام باب القلعة (وزارة الدفاع) جزءاً من التراث الشعبي البغدادي ومن تراث شارع الرشيد.. فما من أحد مر في هذا الشارع خلال قرن من الزمن لم ير هذا المدفع الرابض على باب الوزارة ليذكر الناس بمجد عسكري عثماني آفل.
وطول المدفع أربعة أمتار وقطر فوهته نصف متر.. مصنوع من النحاس وسمي بـ (طوب أبو حزامه) لوجود عروتين على جانبيه مع خرم في فوهته وشبه العامة كل عروة منهما ب (الخزامة) وهي الحلقة التي تلبسها المرأة في الريف في انفها بعد إن تخرم جانب الأنف.. وظل هذا التشبيه ملازماً لهذا المدفع العثماني حتى تم نقله إلى المتحف البغدادي.
وعلى ظهر الطوب كتبت عبارة تقول (مما عمل برسم السلطان مراد خان ابن السلطان أحمد خان) وعلى مؤخرته نقرأ عبارة تقول بالتركية ما معناه بالعربية (هذا عمل علي رئيس الجنود في باب السلطان سنة 1047). والسلطان مراد خان هو السلطان العثماني مراد الرابع (1612ت 1640 م) كان أخر السلاطين الأقوياء من آل عثمان أسترجع بغداد من شاه عباس الصفوي عام 1638م وأعاد العراق لسيطرة الدولة العثمانية. كان مراد الرابع شديد القسوة مفتول العضلات يحب مظاهر القوة لم يتورع من قتل ابن أخيه بايزيد بعد انتصاره على الفرس خوفاً على سلطانه وكان من أسباب انتصاره على الفرس تفوقه العسكري وقد تكون القوة المدفعية جزءاً من هذا التفوق .
وقد شاع بين العامة البغدادية كما يقول أغلب المؤرخين إن هذا الطوب المدفع الذي ربض على باب القلعة ومن ثم وزارة الدفاع على رصيف المارة عقوداً طويلة بحيث ظل يراه يومياً كل من يمر بشارع الرشيد يعتبر صاحب معجزات.
وبعض من كتبوا عنه قالوا أن له الفضل الكبير في دحر الفرس واستعادة بغداد من قبل العثمانيين حتى أضحى كما يقول عبد الكريم العلاف في نظر البسطاء من الناس آنذاك ولياً من أولياء الله يزورونه ويتبركون به ويعقدون الخرق بسلسلة الحديد التي تربطه إلى قاعدته ويشعلون الشموع حوله كل ليلة جمعة وأكثر زواره من النساء.
فالمرأة البغدادية تعتقد أنه ولي قلماً يخيب أمل زواره وبالطبع فأن اغلب المعتقدات العراقية هي معتقدات مبنية على (ألأمل والرجاء). فالإنسان العراقي رغم قوة تحمله وشجاعته في بناء حضارة وادي الرافدين عاش في بلد متلبد دائماً بالنكبات والمصائب وكان الإنسان العراقي يعقد الأمل حتى على الحجر الصامت ليعينه على تجاوز الصعاب. ويبدو أن انتشارا لأميه والجهل بين الناس آنذاك في معظم نواحي بغداد ساعد كثير على نسخ هذه المعتقدات الخرافية حول هذا المدفع وغيره من الأشياء التي أصبحت موضع معتقدات البغداديين مثلما كانت الحكومة العثمانية تتركه منتصبا أمام المارة في الجادة العمومية (شارع الرشيد) لتجعله رمز قوتها وعنوان مهابتها ومن خلفه في ساحة القلعة انتشرت مدافع أقل أهمية منه بشكل معرض يشير إلى مهابة العسكر في هذه الثكنة الآيلة للسقوط.
طلاسم وأسماك
يصف الأديب والباحث العراقي الراحل عبد الحميد العلوجي (طوب أبو خزامة) الذي صنعه رئيس حراس السلطان مراد. وجعله مدفعاً لا يضاهيه مدفع في شكله وحجمه. بما فيه من رموز وطلاسم شجعت العامة على تأليف معتقدات كثيرة حوله فصانعه أثقل كاهله بعروتين بارزتين وحفر على جانبيه عدداً من النجوم ورسم على ظهره تسع سمكات ثم جعله محمولاً على عجلتين.
ويعتقد الباحث العلوجي أن لهذه الرموز معاني كثيرة فرسم السمكات هو تفاؤل بما للسمك من خصائص معروفة لدى علماء الحيوان حيث عرف السمك بشراهته وكثرة أكله وشدة حركته ونشاطه. والسمك في تفسير الأحلام والرؤيا يدل على الغنيمة.
أما لماذا جعل علي رئيس حرس السلطان السمكات تسعاً فلأن التسعة تعادل حرف الطاء في علم النجوم وهذا الحرف في علم السحر هو حرف التدمير والقتل.
وأما النجوم المرسومة في حواشي المدفع فهي من قبيل المثلثات السحرية المرتبطة بحرف الطاء. فلا عجب إذا كانت هذه الرموز الغامضة تؤلف طلسما سحريا عند المؤمنين بها يحث المدفع على ابتلاع القذائف بشراهة.
وعلى الحركة الدائبة دون هوادة وعلى الفتك بأعداء السلطان بلا رحمة ومن هنا حاز (طوب أبو خزامة) على جدارته في معتقدات العامة وبثقة الناذرين في نذورهم له.
| |
|
Black Angel نائب المدير
البلد : العمر : 34 عدد المساهمات : 332 نقاط : 584 السٌّمعَة : 0
| موضوع: رد: طوب أبو خزامة السبت أبريل 28, 2012 7:11 pm | |
| روووووعه موضوع غاية الجمال شكرا لكي يامبدعه
| |
|